• رئيس التحرير : المستشار مصطفى الهمداني
    مدير التحرير: منير طلال
  • أعضاء هيئة التحرير :
    علي ناصر صوال
    عالم الآثار والخط المسند
    د. ابراهيم مهدي ابراهيم
    عاصم بن قنان الميسري
    باحث في تاريخ القبائل العربية
الحلقة الثانية من اللقاء خاص مع الشيخ قاسم الكسادي الناخبي اليافعي

الحلقة الثانية من اللقاء خاص مع الشيخ قاسم الكسادي الناخبي اليافعي

الموسوعة التاريخية والحضارية للقبائل العربية – الحلقة الثانية
لقاء خاص متجدد مع الشيخ قاسم الكسادي الناخبي اليافعي
أحد المشايخ البارزين في قبيلة سرو الحميرية – يافع السيف والضيف 

“ القبيلة… ليست حنيناً للماضي، بل وعياً متجدداً في قلب الحاضر ”

مقدمة الحلقة الثانية :

في حلقتنا الأولى، فتحنا مع الشيخ قاسم الكسادي نوافذ التاريخ، ودخلنا في عمق النسب، والعادات، والبنية القبلية . 

واليوم، نعود إليه لنستكمل هذا النبض الحي للهوية، ونسبر أغوار زوايا لم تُطرق بعد : 
في التربية، والقيادة، والاقتصاد، والهوية الثقافية، ودور القبيلة في مواجهة التحديات الوطنية .

فمن قلب سرو حمير، حيث تنبض الأصالة بالفكر، وتمتزج الشيم بالحكمة، نطرح على الشيخ محاور أكثر عمقاً في بنية المجتمع القبلي ودوره الحضاري .

السؤال الأول :

شيخ قاسم، كيف تصفون منهج التربية في قبيلة يافع ؟ هل للقبيلة دور في صياغة شخصية الفرد منذ الطفولة ؟

الإجابة :
التربية في يافع ليست مجرد واجب أسري، بل مسؤولية مجتمعية تبدأ من البيت ولا تنتهي عند حدود المدرسة . 

الطفل في يافع يُربى على ثلاثية متجذرة : 
“ الاحترام – الفزعة – العِفَّة ” .

يعرف منذ صغره معنى الكلمة، وأثرها، ومقام الكبير، وقدسية الجار، وشرف الدم والعرض .

 لا ننتظر أن تُعلّمه المدارس هذا، بل نزرعه فيه قبل أن يخط أول حرف .

الحِكمة تُلقَّن في المجالس، والفزعة تُعلَّم بالأمثلة، والشجاعة تُغرس في قلبه بلا تباهٍ ولا صخب .

السؤال الثاني :

ما المقومات التي تصنع القائد القبلي في يافع ؟ هل هو اللقب، أم الأداء، أم الرصيد الاجتماعي ؟

الإجابة :
في يافع، لا يُصنَع القائد بالوراثة وحدها، بل بالحكمة والرجولة والفعل عند المحن .
الشيخ الحقّ هو من يكون أول الحاضرين عند الخطر، وآخر المتكلمين عند الخلاف، ومن يُصغي أكثر مما يتحدث .

اللّقب لا يكفي، والمقامات لا تُشترى . الناس تختبر الشيخ في ميادين كثيرة : في الخصومات، في الإصلاح، في إدارة الموارد، وفي كبح جماح الفتن .

ومن ينجح في هذه الميادين، يُكتب له المجد في القلوب قبل السجلات .

السؤال الثالث :

كيف ترون العلاقة بين القبيلة والدولة ؟ هل هي علاقة تكامل أم تصادم ؟

الإجابة :
نحن في يافع نؤمن بأن القبيلة لا تنافس الدولة، بل تسندها وتكملها .

القبيلة ليست دولة موازية، بل حارس اجتماعي وأخلاقي في الفجوات التي تتركها الأنظمة .

حين تغيب الدولة، تقوم القبيلة بسد الفراغ، لا لتسيطر، بل لتحفظ الأمن، وتلجم الفتن، وتحل الخصومات .

لكن حين تحضر الدولة العادلة، فواجب القبيلة أن تُفسح المجال، وتتحول من سلطة عرفية إلى سند وطني، وأن تُسلّم زمام الأمور القانونية لمؤسسات الحكم الرشيد .

السؤال الرابع :

الهوية الثقافية اليافعية… كيف تعيش اليوم في ظل العولمة والانفتاح ؟

الإجابة :
هويتنا ليست جامدة، بل حيّة متجددة .

نلبس زيّنا، ونحتفل بمناسباتنا، ونُعلّم أولادنا اللغة واللهجة والعادات . 
لكن لا نُعادي العصر .

نستخدم الهاتف الذكي، وندخل الجامعات، ونسافر وننفتح، لكن لا نذوب .

كل ما هو مفيد من الحداثة نأخذه، وما هو دخيل على شيمنا نرده. هذا هو التوازن الذي نحافظ عليه، وبه نعيش العروبة لا كأنشودة، بل كنهج حياة .

السؤال الخامس :

هل للقبيلة دور اقتصادي اليوم ؟ أم أن القبائل أصبحت عبئاً اقتصادياً ؟

الإجابة :
القبيلة ليست عالة على الدولة، بل منبع إنتاج .

أرضنا زراعية، وسواعدنا لا تعرف الكسل .
 أبناء القبيلة في الداخل والخارج يعملون في التجارة، الزراعة، البناء، والمؤسسات .
التحويلات من المغتربين تُسند الاقتصاد المحلي، والتكافل بين الأسر يخفف من وطأة الأزمات .

القبيلة تحمي الأرض، وتشجّع الاستثمار فيها، وتضمن الاستقرار في ظل الفوضى .
ولو أن الدولة فعّلت المشاريع في هذه المناطق، لرأيت في يافع نموذجاً للاكتفاء الذاتي الريفي والوطني .

السؤال السادس :

في ظل الصراعات الحالية، كيف تواجه قبائل يافع خطر التسييس والتفكك ؟

الإجابة :
نحن نُفرّق بين الانتماء الوطني والانجرار السياسي .

قبائل يافع وُجدت قبل الأحزاب، وستبقى بعدها . 
لسنا أدوات لأجندات أحد، بل نملك قرارنا المستقل، ونجتمع في الملمات كياناً واحداً، لا فروعاً متناحرة .

ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، ولدينا “ ميثاق شرف ” غير مكتوب، لكنه معروف في الضمير الجمعي :
 “ا لدم لا يُراق في الفتنة، والعِرض لا يُمس في الخلاف، والقبيلة لا تُباع في بازار السياسة .”

السؤال السابع :

رسالتكم هذه المرة للشخصيات الرسمية والقيادات الوطنية ؟
بية وعمقًا:

الإجابة : 
رسالتي لهم :
القبائل ليست عبئاً على الزمن، بل رصيدٌ للأمة… لم تتراجع لأنها عاجزة، بل عُطِّلت بفعل الجهل أو الأهواء أو المصالح الضيقة .
 وحين تستعيد القبائل وعيها ودورها الحضاري، تعود الأمة إلى توازنها وكرامتها .

لا تحيدوا عن القبائل، بل افتحوا لها الأبواب .
استثمروا في طاقاتها، أشركوا حكماءها في الحوار، واعلموا أن السلام الحقيقي يبدأ من المجالس، لا من المؤتمرات المكيّفة .

حين تكون القبائل في صف الدولة، يكون الوطن آمناً، وإذا تم تهميشها، فأنتم تقصون أقدم المؤسسات الاجتماعية في تاريخ العرب .

خاتمة الحلقة :

بين الجبل والسهل، وبين الذاكرة والرؤية، يقف الشيخ قاسم الكسادي كجسرٍ عميق يصل الماضي بالحاضر، لا بنظرة رومانسية، بل ببصيرة واعية .

القبيلة في يافع، كما وصفها، ليست خيمة منسية على هامش الحضارة، بل مؤسسة اجتماعية متجددة، تحمل الذاكرة، وتصنع الوعي، وتخوض معارك العصر بأخلاق الفرسان وحنكة الحكماء .

انتظرونا في الحلقة الثالثة… حيث نغوص في الأمثال، والأشعار، والمرويات الشعبية، ونكشف كيف سكنت الذاكرة الجمعية وجدان القبيلة، وكيف تتحول الحكمة إلى سردٍ خالدٍ في أفواه الرواة .

كلمات المفتاحية:

0 تعليق

اضف تعليق

انتقال للأعلى