• 0 تعليق

النقش Ṣa 16 من النقوش المسندية المسطورة في ذاكرة التاريخ وإرشيفها الناطق.

‏النقش Ṣa 16 من النقوش المسطورة في ذاكرة التاريخ وإرشيفها الناطق.
مصدر النقش: جبل(القلعة) قرية الذراع النصرة - الحداء - محافظة ذمار. 
وهو مكتوب على واجهة صخرية تتراوح أبعاده (36) سم عرضاً (18) سم إرتفاعاً ويبلغ ارتفاع كل حرف (5) سم 
 يتحدث فيه صاحب النقش  أنه لن يعود ثانيةً للحراسة  في هذا المكان، هذا ما جاء في النقش الماثل أمامكم .

 وهذا نصــه كما يلي :
[1] لحي عثت/بن/صقرم/
[2] يحلأين/بن/
[3] مشرحتن/

نقل المحتوى حرفياً:
[1] لحيعثة بن صقر
[2] يحلأ (يتوب) من
[3] الحراسة

 التعليقات:
• لحي عثت: لحيعثة إسم علم مركب من لفظين (لحي + عثت). 
ولحي: بمعنى نَبت ، منبت الإله. 
وعثت: هو إختصار لإسم المعبود عثتر
• بن: بمعنى البنوة أي ولد - نجل - ابن. 
• صقرم: أي صقر ، والميم لاحقة صرفية حيث يعتبر الميم علامة للتنوين بالرفع أو النصب أو الجر بحسب محله من الإعراب. 
• بن: حرف جر بمعنى (مِنْ) وفي تصوري وهذا إجهاد مني أن اللفظ (بن) في النقوش بصفة عامة عندما يُكتب على هذا النحو ما هو إلا لغرض التفريق بينه وبين اللفظ (مَنْ) الذي يكون محله في الإعراب مبتدأ ومضارع مجزوم ، والذي يُكتب بالميم والنون تماماً كما هو واضح في النقش التالي الموسرم بالرمز والرقم  "RES 4088 a" في العبارة التالية: تفصو/عبرم/وثنن/ومن/عبر/يدأهو/وليأخذ/وهم/أل/تأخذ/فحلت/نفسهو/لذ يهرجنهو. 
المعنى: تجنب عبور الحدود ومن يتجاوز فيستم القبض عليه وإذا لم يقبض عليه فحلت روحه لمن يقتله. 
• يحلأين: يحلأ أي يتوت أن لا يعود للحراسة في هذا المكان، وقد جاء اللفظ بصيغة الفعل المضارع
طبعاً سبق وأن تحدثنا عن موقع النقش في منشورات سابقة وتحدث عنه الكثير من المؤرخين أنه موقع عسكري هام طالما تسابقة عليه القوى الحربي، كذلك النقوش الأخرى في هذا المكان تؤكد أنه كان حامية عسكرية هامة وهذا ما يؤكد المفهوم الدقيق لتفسير محتوى النقش . 
ويحلأ: من الجذر اللغوي (حَلَّ) وله عدة معاني يحددها السياق. 
وحلأي أو حلي: لفظ معروف في المجتمع اليمني أنه بمعنى التوبة والندم ، وقد ينصرف المعنى أيضاً إلى الإمتناع عن الحراسة أو إلغاء العمل في الحراسة أو إنهاء خدمته فيها ، وأعتقد أن اللفظ (حَلَّ) والموضح في العبارة التالية (حَلَّ فلانٌ الشيءَ) أي الغاه ، هو إمتداد لنفس المعنى. 
• مشرحتن: أي المشارحة ، جاء النون في آخر الكلمة لغرض التعريف. 
والمشارحة: لفظ فصيح وهو من مادة (شرح) أي : حفظ - حمى - أعان - حَرس ، ولهذا اللفظ إستخدام آخر في الأسماء المركبة حيث يأتي في النقوش مقترنا بلفظ يشير إلى المعبود مثل (شرح إل) = شرح إيل - شراحيل  (وشرح بإل) = شرح بإيل  - شرحبيل أو (شرح عثت) = شرحثة وهكذا ..
والمشارحة : هنا حسب السياق بمعني المحافظة على الشيء مثل حفظ الأمن ، ويفيد المعنى هنا حسب السياق إلى (الحراسة) كرديف لكلمة المشارحة وحسب علمي أن المجتمع اليمني أكثر المجتمعات العربية فهماً وإستخداماً لهذا اللفظ ، حيث يستخدم على سبيل المثال عندما يحمل شخص أشياء ثقيلة على ظهره وهو صاعد في درج أو سلالم فيقول آخرون (اشرحوه) أي أعينوه حتى يستطيع الوصول ويتجاوز الصعوبة. 
كذلك عندما يحدث خصومة بين شخصين أو جماعة من الطبيعي في المجتمع اليمني أن يتوسط الناس بينهم لحل النزاع وأثناء حل القضية قد يحدث في بعض الحالات أن يُلاحظ أحد المتخاصمين أن شخص يتحدث لصالح خصمه بطريقة غير مباشرة فيقول: فلان مشارح مع الخصم أي يعينه ويلقنه كيف يكون الحديث والخوض في القضية ..
ومن هذه المفردة اشتق لفظ (الشرح) أثناء الدراسة في المدارس عندما يقوم المعلم بتحفيظ وتلقين وإعانة الطلاب على فهم الدرس واكتساب العِلم والمعرفة. 
والشرح: لفظ حاضر في القرآن الكريم فقد سميت (سورة الشرح) في القرآن بنفس المعنى نسبةً للآية الكريمة التي جاء فيها قوله تعالى {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} آية(1)
ويفسر علماء الدين واللغة هذه الآية كمايلي: الم نوسع - أيها النبي - لك صدرك لشرائع الدين، والاتصاف بمكارم الأخلاق، وحططنا عنك بذلك حِمْلك الذي أثقل ظهرك. 
هذا هو قلم المسند فمن  خلال الربط والمقارنة والتحليل بين اللفظ القديم والحديث والفصيح والنص القرآني يمكننا القول أن قلم المسند المرجعية الأصيلة للمواد اللغوية، والعلاقة الوثيقة بين الماضي والحاضر.
ملاحظة:  سبق وأن هديت هذا النقش للدكتور/ محمد الشرعي، لدراسته ضمن اطروحة الدكتوراه بجامعة ذمار.
                   إنتهى ،،،،
عالم المسند / 

علي ناصر صوال